أصر محفوظ على النهاية الحزينة-الغير منطقية أحياناً-في كل قصص المجموعة التسع. وكان ذلك ما انتقص من تقييم تلك العمل.
كعادةِ محفوظ، تحفل المجموعة بأبطاله أصر محفوظ على النهاية الحزينة-الغير منطقية أحياناً-في كل قصص المجموعة التسع. وكان ذلك ما انتقص من تقييم تلك العمل.
كعادةِ محفوظ، تحفل المجموعة بأبطاله المفضلين من الموظفين على إختلاف درجاتهم الوظيفية. فهم أكثر طائفة عاشرها وعرفها بحكم وظيفته في الأوقاف قديما. والذين وقف على تفاصيل حياتهم المليئة بالأزمات المادية التي تمتحن أصل معدن كل منهم، ومدى قدرتهم على تحمل إغراء التدني الاخلاقي وقت الشدة.
من أبطال محفوظ المفضلين أيضاً الفتوات، ونجد حكاية عن واحد منهم وتلك التي تحمل المجموعة إسمها، عن فتوة طاغية جار عليه الزمن.
يُلاحظ بصفة عامة أن هناك نوع من "العَجلة" في الكتابة. وكأنه كانت هناك بذور أفكار لروايات داخل عقل كاتبنا العظيم في بداية حياته الأدبية، ولم يكن بعد يعرف كيف يحولها لعمل أدبي أكبر حجما واكثر ثراء....more
قل ما يعود لي إحساس أيام القراءة في شبابي. إحساس بالحزن على فراق رواية تعلقت بأفرداها كأنهم أهلي. وأستمر لأيام أحلم بهم، وأنشغل في ساعات صحوي بالتفكيرقل ما يعود لي إحساس أيام القراءة في شبابي. إحساس بالحزن على فراق رواية تعلقت بأفرداها كأنهم أهلي. وأستمر لأيام أحلم بهم، وأنشغل في ساعات صحوي بالتفكير فيهم وفيما فعلت بهم الأيام.
لم اكن أتخيل أنني سأبكي فراق السيد أحمد عبدالجواد بمثل هذه الحرارة. فقد كرهت شخصيته لدرجة غير ضئيلة في الجزء الأول بما تمثله من ازدواجية وقسوة مع أهل بيته لم أستطع التسامح معها او تقبلها. ولكن عندما تكشّفت الطبقات الأخرى لشخصيته في الجزء الثاني، قلت درجة كراهيتي له. وتحولت الكراهية لمحبة وإشفاق عليه مما فعل الزمن به في الجزء الأخير.
هل الثلاثية عمل تاريخي، أم هى تجسيد لواقع الحياة الاجتماعية في مصر عبر ثلاثة عقود، أم هى ببساطة عن الزمن وعن ما يفعله بنا؟
بصرف النظر عن الزمان وعن المكان وعن مسار حياة شخصيات الثلاثية ومصائرهم التي انتهوا إليها، ففي نهاية الجزء الثالث، شعرت ان تلك هى قصة حياتنا جميعاً.
نولد أطفالاً ابرياء لاهين باللعب، ثم نغدو على أعتاب الشباب تغمرنا الأمال الساذجة بأن الحياة ستكون طوع بناننا ورهن اشارة أحلامنا، وبعد سنوات تضربنا الصدمات واحدة تلو الأخرى لننتهى ونحن نودع شبابنا ونسأل أنفسنا بمرارة بعد سخرية الزمن منا، أهذا ما كنا نسعى إليه؟ أتلك هى النهاية؟
كن كسولاً مثل عائشة، أو مخلصاً بجنون لبيتك مثل خديجة، أو محباً لوطنك مثل فهمي، أو "هلّاساً" مثل ياسين، أو متفكراً حائراً مثل كمال. فالنهاية واحدة، مهما أتقنت تخطيط أو لا تخطيط "كما كان الحال بياسين" حياتك، فسيأتي القدر ليضربك من حيث لا تعلم، ويمضى بك لطريق أخر ستمشي فيه طائعا رغماً عنك.
أتحسر على عائشة واتعجب، أكنت اتخيل في مستهل الجزء الأول أن تكون تلك نهايتها؟ أتأمل في مدى جنون خديجة بسيطرتها على أبناءها لكي أشهد في النهاية تمردهم التام عليها وعلى أغلالها. وفي بعض الأحيان نتعجب أكثر عندما يحظى المستهتر بنهاية أفضل ممن جد واستقام، مثل ياسين الذي كان دائما ما يجد من ينقذه من ضياعه. مرة عندما ورث أمه، ومرة عندما انتهى لزوجة استطاعت تأمين بيتاً مستقراً له بعد فشل زيجتان، وانتهاءا بابن عرف كيف يبيع نفسه وضمن له ترقية لا يستحقها. لم يكن ياسين يفعل شيئا في حياته سوى الهلس، ومع ذلك، فقد نجا ولم تنجو عائشة. ذلك قدره.
أشهد على تفرق جمع أهل بيت بين القصرين وأبكي تشتت ،شملهم، واتذكر كل بيت من بيوت عائلتي تنعمت بجمعه ولسذاجتي في طفولتي وشبابي ظننت أن لا توجد قوة تستطيع تفريق ذلك الجمع. والأن اطوف من بعيد بحسرة على تلك البيوت وهى مهجورة أو في حوزة أغراب. دنيا لا بتخلي الراكب راكب ولا الماشي ماشي
في الجزء الثالث وجدت أن محفوظ "طوّع" لغته بشكل أفضل. كانت الحوارات أقرب لواقع وحقيقة من ينطق بها بدلاً من الزخرفة اللغوية المتكلفة التي ضايقتني بشدة في الجزء الأول. وأستمر على حبي وعشقي للغة محفوظ التي يتسلل الكثير منها على لساني دون وعي مني.
كان الجزء الثالث هو جزء كمال والذي أزعجني برومانسيته المبالغ بها في الجزء الثاني. أحببت كمال في السكرية بعد مرحلة عايدة بتخبطه وصراعه الداخلي ومحاولاته الصادقة لكي لا يخدع نفسه أو من حوله، ورفضه العتيد للمُضي في طريق هو غير أكيد من صلاحيته له. ومع ذلك، أشفقت عليه من وحدته.
بالثلاثية وخاصة في الأجزاء الثاني والثالث قدر كبير من الجرأة في تناول القضايا الإيمانية، واتساءل بسعادة كيف غفل عنه "مهووسي" الرقابة الدينية في تلك الفترة . حسناً فعلوا، وليتهم ظلوا غافلين.
ربما تُصنف ثلاثية القاهرة كرواية تاريخية، وذلك للحضور القوي لواقع الحياة السياسية في مصر عبر ثلاثة عقود. ولكنني لم استسغ الوجود السياسي في أي من الأجزاء الثلاثة. كانت الحوارات والجدالات عن التغيير الذي لا ينتهي للوزارات والمعاهدات والاتفاقيات تثير مللي. كنت اتخطى تلك "الرغي" الذي كان يمكن اختصاره او حتى حذف الكثير منه. فالحياة السياسية في مصر في الثلاثينات والأربعينيات يمكن تلخيصها في "كانوا كل ما يزهقوا يغيروا وزارة ويعملوا معاهدة ويلغوها".
تتغير نظرة رجال الثلاثية المتدنية للمرأة على خجل واستحياء في نهاية الجزء الثالث، فيقدم لنا محفوظ شخصية "سوسن" المثقفة ذات الشخصية المستقلة التي لا تنتظر رجلا مثلها مثل كل نساء عهدها كي تبدأ حياتها. فهى "بدأت" حياتها بالفعل غير عابئة بمجتمع يريدها مجرد تابع.
في الجزء الثالث تأكد إحساسي بأن محفوظ كان يكتب تلك الرواية كتابة "مستمتع". وليس مجرد كتابة "حرفي" متمكن من ادوات صناعته. أشعر وكأنه أخلص لأبطال روايته بصدق جعله يهدم تلك الحاجز بين القارئ وبين الرواية، الحاجز بين الواقع والخيال. فالكاتب "دخل" جوة الرواية، واحنا "القراء" دخلنا معاه، وحقيقي مكانتش عاوزة اطلع تاني....more
تعمق تعلقي في هذا الجزء بعائلة السيد أحمد عبدالجواد. أصبحت واحدة منهم تتطلع بلهفة لمعرفة مصائرهم التي يغزلها ببراعة كاتب عظيم استطاع خلق عالم يبتلع منتعمق تعلقي في هذا الجزء بعائلة السيد أحمد عبدالجواد. أصبحت واحدة منهم تتطلع بلهفة لمعرفة مصائرهم التي يغزلها ببراعة كاتب عظيم استطاع خلق عالم يبتلع من يدخله.
لدي اسئلة كثيرة تتعلق بشخوص الرواية وودلالات افعالهم في الحياة وانتظر اتمام قراءة الجزء الأخير "السكرية" لأرى الصورة كاملة. اتفق مع من رأى أن هناك اطالة كان مبالغ بها في وصف مشاعر كمال تجاه عايدة. يعني رومانسية "جزّعت نِفسي" في بعض الأجزاء. ربما اراد محفوظ اظهار التناقض الرهيب بين روحانية وسمو كمال في مشاعره، وبين حيوانية شهوة ياسين تجاه النساء.
أيضا اتعجب لماذا كانت الأصوات المقربة في الرواية حصراً على رجال عائلة السيد احمد عبدالجواد؟ هل ستتاح الفرصة لصوت النساء في الجزء القادم ام لا؟...more
أول رواية قرأتها لمحفوظ وأنا لم أكن أبلغ العاشرة من عمري، وبالطبع كان من الصعب عليّ في ذلك الوقت متابعة قراءة أحداث قصة تتجاوز عمري.
وها أنا بعد أكثر مأول رواية قرأتها لمحفوظ وأنا لم أكن أبلغ العاشرة من عمري، وبالطبع كان من الصعب عليّ في ذلك الوقت متابعة قراءة أحداث قصة تتجاوز عمري.
وها أنا بعد أكثر من ثلاثين عاما أعود لاستكمال ما بدأته. تعانق عيناي كلمات الفصل الأول وأسترجع انبهار طفلة السنوات العشر بأمينة التي تجول غرفات بيتها الكبير مقتفية أثر الجن الشرير بتلاوتها القرأنية لكف أذاه عن أهل مملكتها الصغيرة. العفاريت، هذا ما جذبني وقتها لقراءة الرواية.
خلق محفوظ تجربة تعايش دافئة لا تُنسى مع أسرة مصرية. أفراد يتحركون داخل نطاق مكاني محدود بجدران البيت، ويتسع مجال تلك الحدود قليلا بالنسبة للرجال. ولكنه يكاد لا يتعدى نطاق أحياء القاهرة القديمة الملاصقة لحيهم في ابتعاد خاطف يعودون بعده سريعا لعالمهم الأصيل، عالم بيت السيد أحمد عبدالجواد.
عالم كان خليقاً بترك أثر حقيقي بداخلي خلفتّه روايات أخرى لمحفوظ مثل قلب الليل وليالي ألف ليلة وعصر الحب وحضرة المحترم. ولكن للأسف لم يكن الأثر بالقدر الذي توقعته.
ربما يعود ذلك لتشبعي الشديد بالنسختان السينمائية والتليفزيونية للرواية، فكانت الرواية "محروقة" بالنسبة لي. ربما أدى ذلك الى تشوش وتداخل المشاهد المكتوبة أمامي على الورق بالمشاهد المرئية والمسموعة على الشاشة، ففقدت القدرة على الاستمتاع بتجربة القراءة.
ربما كان ذلك مرجعه إلى أنني ولأول مرة بعد تاريخ طويل مع عزيزي محفوظ، أجد أن لغته التي طالما سحرتني ببساطتها وشاعريتها ورقتها، أجدها في تلك الرواية معقدة ومفتعلة، بل وصعبة الفهم في كثير من الجمل؟
ربما لأنني شعرت أن كثير من شخصيات الرواية لم تأخذ مساحتها الحقيقية للتعرف عليها بشكل كامل؟ وأقول لنفسي ربما تأخذ تلك الشخصيات بُعدا أكبر وأكثر عمقا في الأجزاء اللاحقة، والتي ولله الحمد لا أعرف عنها سوى أقل القليل ولذلك لدي أمل في قراءة أقل تشوشا وتداخلا. لنبدأ في قراءة قصر الشوق، وربما وقتها يكون لي كلام أخر....more
تتنوع القصص في تلك المجموعة في طولها ومداها الزمني والقالب الذي وضعت فيه. تنوع المستوى أيضا لتلك القصص ما بين رائع ومتوسط.
أكثر ما ترك أثر بنفسي قصتا اتتنوع القصص في تلك المجموعة في طولها ومداها الزمني والقالب الذي وضعت فيه. تنوع المستوى أيضا لتلك القصص ما بين رائع ومتوسط.
أكثر ما ترك أثر بنفسي قصتا السماء السابعة والحب فوق هضبة الهرم.
ففي "السماء السابعة" تأثرت بفكرة منح فرصة ثانية للإنسان لكي يحيا حياة أخرى . وتلك ليست بفكرة جديدة، فهى معروفة في ديانات أخرى كالهندوسية والبوذية. ولكن أضاف محفوظ عليها عودة الإنسان كمرشد روحي لمن ضل سبيله في الحياة. وتتوقف نجاة تلك المرشد في الآخرة على مدى نجاحه في تحويل مسار الحياة الضال لذلك الشخص الذي عُين مرشدا له. يؤكد محفوظ في تلك القصة على أننا كبشر لا نحتاج لسنوات طوال كي ننضج أو نسلك طريقا قويما في الحياة، بل أننا قد نحتاج أعمارا وحيوات متعددة وقد لا نتغير بعدها، ونظل كما نحن، ضالون ومضلون.
في "الحب فوق هضبة الهرم" سعدت باكتشافي بأن النسخة السينمائية من إخراج العظيم عاطف الطيب لتلك القصة تمسكت بالنص وروحه بشكل دقيق. وهذا ما افتقدناه في معظم الأعمال الفنية التي تحولت من أعماله الأدبية. وإن كانت النسخة الأدبية أقل سوداوية من النسخة السينمائية. بقية القصص كانت لا بأس بها...more
الرواية تصلح كقراءة عابرة وممتعة. ومن الواضح أن محفوظ كتبها تأثراً بموجة أفلام بيوت الدعارة والعلاقات الجنسية المفتوحة التي كانت سائدة في انجمتان ونصف
الرواية تصلح كقراءة عابرة وممتعة. ومن الواضح أن محفوظ كتبها تأثراً بموجة أفلام بيوت الدعارة والعلاقات الجنسية المفتوحة التي كانت سائدة في السبعينات.
تساءلت خلال قراءتي للرواية عن أي صف كان يقف فيه محفوظ من ذلك النوع من العلاقات الذي أغرق الرواية؟ هل كان يراها مجرد شكل من أشكال تغير المجتمع بحكم انفتاحه على الثقافات والتيارات الفكرية الغربية؟ أم كانت من وجهة نظره انحلالاً معبراً عن استهانة المجتمع بأعرافه وتقاليده بعد هزيمة ٦٧؟
كان الجنس هو المحرك الأساس للرواية بشخصياتها وأحداثها. على الرغم أن الانحلال الجنسي لم يكن النتيجة الوحيدة لما بعد النكسة-إذا افترضنا أن المجتمع كان على هذه الصورة المليودرامية من التسيب-فقد كان هناك بداية عصر الفساد وازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء. فلماذا ترك محفوظ كل ذلك وركز على العلاقات الجسدية المفتوحة فقط؟
أرى كما رأى الكثيرين هنا على الموقع وكما قلت في البداية، أن الرواية كُتبت للسينما في المقام الأول. مجرد مشروع فيلم يجاري الموجة والتيار وشكراً. ولا أظن أنه كانت أي رؤية فلسفية أو فكرية لمحفوظ وهو يكتب تلك الرواية....more
كانت الطبعة الأولى لدار الشروق لأولاد حارتنا عام ٢٠٠٦ في معرض الكتاب. أتذكر سعادتي بها عندما اشتريتها رغم سعرها المرتفع بالنسبة لي وقتها. اتذكر أيضاً-وكانت الطبعة الأولى لدار الشروق لأولاد حارتنا عام ٢٠٠٦ في معرض الكتاب. أتذكر سعادتي بها عندما اشتريتها رغم سعرها المرتفع بالنسبة لي وقتها. اتذكر أيضاً-وبالطبع تلك ذكرى تستلزم ضرب رأسي بالحائط ندماً-عندما أعطيتها لواحد من بائعي الكتب القديمة لأنني لم أستطع وقتها متابعة قراءة رواية بها هذا الحد من الجرأة.
كنتُ غير جاهزة عام ٢٠٠٦ في تلك الفترة من عمري لقراءة هذا العمل كما كان الجمهور والوسط الثقافي غير جاهز عام ١٩٥٩ لتقبل عملاً يقترب من تابوهات الدين بشخوصه ومقدساته.
وأسأل نفسي، ما هو نوع تلك الغمامة التي يتم وضعها على أعين مجتمعنا حتى نرى الكون من منظور واحد ضيق؟ والسؤال الأهم، هل أستطيع القول بأننا في عام ٢٠٢١ ظهرت بعض بوادر "انقشاع" لتلك الغمامة؟
نرى من خلال هذا الكتاب الممتع الرحلة الطويلة لتلك الرواية حتى رأت النور أخيرا بعد معركة طالت لأكثر من أربعون عاماً.
نتعرف على الأسباب المعلنة والخفية للحرب التي أعلنها الجميع على نجيب محفوظ وقت نشر الرواية. وكيف واجهها هو كعادته بهدوء ومهادنة حتى لا يدخل معركة يعرف أنه سيخرج منها بخسارة أليمة. تأملت بإعجاب قدرة محفوظ على مخاطبة كل طرف هاجم الرواية (سياسي-ديني-أدبي) وتقديم تفسير دفاعي عن روايته بما يتناسب وما يريد هذا الطرف أن يسمعه بالضبط.
من أمتع ما في هذا الكتاب أيضا هو أنك ترى على خلفية أزمة تلك الرواية التغييرات السياسية والاجتماعية التي مر بها المجتمع المصري عبر أربعون عاما . مجهود مميز للكاتب محمد شعير وكتابة بسيطة ممتعة استمتعت بها...more
صاحبني السخط في البداية التي وجدت بها كما غير هين من الكراهية والنفور من نجيب محفوظ لشخصية "أحمد عاكف". فقلمه لم يرحم تلك الشخصية المهزومة من الحياة. صاحبني السخط في البداية التي وجدت بها كما غير هين من الكراهية والنفور من نجيب محفوظ لشخصية "أحمد عاكف". فقلمه لم يرحم تلك الشخصية المهزومة من الحياة. ولم استطع فهم أسباب تلك القسوة منه على شخصية إنسان لم يبدر منه ما يؤذي أحداً غير نفسه. كان هناك الكثير من التطويل والمط والذي فسرته بأن تلك الرواية هى واحدة من بدايات محفوظ. والتي من الطبيعي أن نفتقد فيها مهارته العبقرية التي اثقلتها سنوات الخبرة فيما بعد.
مع وصول الأخ الأصغر "رشدي عاكف" إلى حلبة المنافسة مع شقيقه الأكبر على قلب جارتهم الجميلة "نوال"، كنت على وشك ترك الرواية وعدم إكمالها. فرؤيتي لظلم كاتب لشخصية روائية كان فوق احتمالي. ويكفيني جدا ألم ما أراه من ظلم الواقع على أمثال أحمد عاكف.
ولكن مع تحول الأحداث في النصف الثاني، تغير رأيي تماما إلى النقيض. واستولت الرواية على اهتمامي، ولم أتركها حتى انتهيت منها.
كنت خلال القراءة تستغرقني فكرة أن الحياة هى عجينة لينة في يد الماهر الجسور المجرب الذي لا يهابها. وفهمت تماما مشاعر "أحمد عاكف" الذي يقف أمام الحياة عاجزاً خائفاً يلعن نفسه كلما ضاعت منه فرصة لم تكن تتطلب منه سوى قدرا قليلا من الجرأة والمعافرة. كان وجود أخيه الأصغر-النسخة الأذكى والأشجع والأكثر وسامة-أمامه هو بمثابة عذاب أكبر له يذكره دائما بخيبته في تلك الحياة.
لن أحرق الأحداث لمن لم يقرأ الرواية، ولكن حدث ما حدث لكي يعرف "أحمد عاكف" أن مهما بلغت مهارتنا في الحياة، فإننا لن نكون يوما "أعلم" من قدر يتربص بكل من يظن أنه امتلك حظه في يده. دنيا محدش عارف أولها من أخرها. وبكرة تضحك لمين، وتدي ظهرها لمين.
أريد أيضا أن أثني على براعة محفوظ المتفردة في تلك الرواية في وصف المكان والجو العام للحياة في الأحياء الشعبية خاصة في المواسم الدينية. وصفه هنا فاقت براعته ما سبق وقرأت له من روائع أخرى له.
للنصف الثاني أعطي خمس نجوم. ولولا اخطاء البدايات، لكانت من أفضل روايات محفوظ....more
أسرتني من الصفحات الأولى، وكنت أُنهي فوق المائتين صفحة في جلسة واحدة وتلك رقم قياسي بالنسبة لي.
من وجهة نظري، يكمن تفوق محفوظ في تلك الملحمة في قدرته عأسرتني من الصفحات الأولى، وكنت أُنهي فوق المائتين صفحة في جلسة واحدة وتلك رقم قياسي بالنسبة لي.
من وجهة نظري، يكمن تفوق محفوظ في تلك الملحمة في قدرته على خلق إيقاع تشويقي قوي ساحر، وذلك الإيقاع هو ما جعلني اتغاضى عن لا منطقية كثير من الأحداث أو أفعال كثير من ابطال الرواية.
خلق محفوظ أيضا في تلك الرواية عالما يشبه عوالم روايات الواقعية السحرية. فكنت أشعر وكأن الحكاية تدور في عالم موازي ليس له علاقة بزمن أو مكان يمكنك أن تربط عقلك به. حتى وإن ذكر تنقل بعض الأبطال بين أماكن معروفة مثل حي بولاق، فهو "بولاق" أخر غير بولاق التي نعرفها في عالمنا..
حتى اللغة، أحسست وكأنها تلقي من فم شاعر وليس كاتب روائي يحكي احداث حياة بلغة الروايات المعتادة. وفكرت أنه لولا عدم وجود السجع، لكان من الممكن أن تتحول إلى عمل غنائي رائع مثل المسرحيات الشعرية.
لن أنكر تعلقي ببعض أبطال الرواية، ولكنه كان تعلق مؤقت وعابر. كنت منبهرة بإيقاع الرواية، ولكن قبيل النهاية أصابني الملل من تكرار نفس نمط الأحداث، بنفس التتابع الزمني ونفس الكوارث مثل الخيانة والقتل والاختفاء المفاجىء.
كانت الرواية بتكرار أحداثها تحتاج من أديبنا الكبير الكثير من الاختصار. فقد كان من الصعب على القارئ مهما بذل من مجهود في التركيز، أن يتابع كل هذا الكم من الحكي الذي يعتمد بشكل أساسي على الماضي. فكنت كثيرا ما أضيع عند الإشارة إلى احدى الشخصيات القديمة او إلى ما فعلته في الماضي.
روايات محفوظ تترك عادة بداخلي أثرا في نفسي، ولن أنكر أثر الحرافيش. ولكنه كان ذو علامة أقل تأثيرا من رواياته الأخرى التي احببتها....more
رواية أجيال تكرر نمطها كثيرا في أدب نجيب محفوظ. استمتعت بمراقبة الزمن وهو يمر ويترك أثره على مصر وعلى الأصدقاء الأربعة. ازدحمت الرواية بالشنجمتان ونصف
رواية أجيال تكرر نمطها كثيرا في أدب نجيب محفوظ. استمتعت بمراقبة الزمن وهو يمر ويترك أثره على مصر وعلى الأصدقاء الأربعة. ازدحمت الرواية بالشخصيات كعادة نجيب، ولكنه لم يخلق في "قشتمر" توازنه المعتاد بين الشخصيات والأحداث. كانت الرواية مجرد رصد لولادة ودراسة وزواج وطلاق وسفر وموت. دارت عجلة الحياة بشكلٍ متسارع لم يُمكن كاتبنا العظيم من ترك أثره العميق المعتاد في أنفسنا بعد قراءة أعماله.
وجدت أيضا في هذه الرواية "النقطة السوداء" التي تشوه محبتي لنجيب محفوظ. ألا وهى نظرته للمرأة ككيان خُلق للمتعة. النظرة القاسية لها مثل "بضاعة" لها تاريخ صلاحية يبدأ وينتهي سريعا لكي تحل محلها أخرى. كان الرجال في "قشتمر" يستبدلون النساء كما يبدل المرء سيارة قديمة، أو يلقي بمنديل مستهلك في سلة المهملات ليستخدم أخر جديدا محله.
رغم عشقي الكبير لبلاغة محفوظ، فإن كثيرا ما كانت لغة الحوار البليغة في غير موضعها. فهناك مواضع لا تحتمل مجالا للأقوال الفلسفية العميقة مثل الشجارات، والأفضل أن يكون الحوار بها أقل تكلفا من ذلك....more
بأمانة شديدة..شعرت وكأن كاتبا مبتدئ هو من كتب تلك المجموعة. نصف القصص على الأقل ذات أسلوب مباشر.
أبدأ قراءة القصة وأنا اتوقع عمقا أو مفاجأة في الأحداثبأمانة شديدة..شعرت وكأن كاتبا مبتدئ هو من كتب تلك المجموعة. نصف القصص على الأقل ذات أسلوب مباشر.
أبدأ قراءة القصة وأنا اتوقع عمقا أو مفاجأة في الأحداث أو حكمة حياتية تنير عقلي كما اعتدت من عزيزي نجيب محفوظ. ولكن للأسف أجد نهاية متوقعة ومكررة كأني أقرأ تجربة واقعية تروى بلسان شخص عادي وليس قاص محترف. ذلك باستثناء بعض القصص مثل "المهد-اليمامة-الحزن له أجنحة"....more
إعادة قراءة في قراءتي الثانية بعد ست سنوات، أتذكر شعوري الساخط تجاه "عثمان بيومي" الممتزج بالشفقة على نهايته المستحقة. يتكرر أيضا إحساسي الغاضب تجاه ظلمإعادة قراءة في قراءتي الثانية بعد ست سنوات، أتذكر شعوري الساخط تجاه "عثمان بيومي" الممتزج بالشفقة على نهايته المستحقة. يتكرر أيضا إحساسي الغاضب تجاه ظلمه لغيره، مثل مديره سعفان بسيوني وأصيلة وقبلها سيدة، أكثر من غضبي على ظلمه لنفسه.
قرر عثمان بيومي تدمير حياته من أجل الوصول للدرجة الأولى، فكرة حكاية جديرة بالحكي ذكرتني كثيرا بالعمل العظيم "صحراء التتار".
ولكن الفارق-فيما أظن-أن دينو بوتزاتي مؤلف صحراء التتار كان لديه قدر كبير من التعاطف مع بطل قصته "جيوفاني دروغو". تلك التعاطف الذي لم أشعر به من محفوظ تجاه عثمان بيومي، وربما كان ذلك عائق بيني وبين محبتي لعمل محفوظ.
وبالطبع لا أطالب بإيجابية مشاعري تجاه كل بطل من أبطال الروايات التي أطالعها، ولكن كان هناك حاجز بيني وبينه كإنسان منعني من التواصل الكامل معه كما حدث لي مع بطل رواية صحراء التتار.
هى اللغة، الحاجز. كما ذكرت في عدة مراجعات لأعمال عزيزنا الغالي محفوظ، أن لغته الشاعرية البليغة واحدة من أقوى أسلحته كروائي. ولكنني أرى أنه كثير ما كان يستخدم هذا السلاح في غير موضعه.
ازدحمت الرواية بالمحسنات اللغوية الزاعقة التي لم يكن في حاجة لها. فلنتأمل مشهد البداية مثلا، مشهد دخوله على المدير العام:
يريد محفوظ هنا أن يصور لنا إحساس الرهبة والإجلال الذي استولى على عثمان بيومي في خطواته الأولى لعالم الوظيفة. والمشكلة أن محفوظ هنا انشغل بتكرار الصفة الواحدة بأكثر من مترادف لها، وغمر الجمل بالتشبيهات المركبة، بشكل أثر على درجة اندماجي مع شعور البطل الذي اراد محفوظ أن يوصله لي كقارئ. كلمة "مقدس" ومشتقاتها اتكررت بشكل جنوني خلال الجزء الأول مما أثار غيظي. يعني والله أنا وصل لي معنى إكبار وإجلال البطل للوظيفة، فأنت مش محتاج كمؤلف لكل الهيصة البديعية دي.
وكان ذلك نفس مأخذي على رواية "قصر الشوق"، في الجزء الخاص بوصف مشاعر كمال الرومانسية تجاه عايدة حبيبته. نفس التأنق اللفظي المبالغ فيه الذي اضجرني من البطل ومن الحب كله بصفة عامة. وفي أعمال أخرى كان لهذا الوجود اللغوي الشاعري جمال يبرر حضوره القوي مثل الحرافيش وقلب الليل. فمساحة وموضوع الرواية كان يحتمل ويرحب بهذا الحضور.
ربما كان محفوظ هنا "خالق" كاره لمخلوقه "بطل الرواية"، ولذلك ربما كان شعوري هذا هو الشعور الذي أراد أن يحسه القارئ ويشعر به....more
اقسم بالله اعصابي تعبت من "الديجا فو" اللي جابهولي جمال الغيطاني وانا عمالة اقرا الكتاب للمرة الالف بتساءل، معقولة مكانش فيه محرر يراجع وراه اللي بيكتباقسم بالله اعصابي تعبت من "الديجا فو" اللي جابهولي جمال الغيطاني وانا عمالة اقرا الكتاب للمرة الالف بتساءل، معقولة مكانش فيه محرر يراجع وراه اللي بيكتبه، وينبهه للأجزاء اللي بتتكرر بالكلمة والحرف وعلامات الترقيم بالمرة والمرتين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الكتاب كان بحاجة شديدة الى ايجاز واختصار اكثر من ذلك. ومشكلة جمال الغيطاني في "عدم وضوح رؤية ما يكتبه" للأسف تقلل من مستوى ما يكتبه، برغم انه-جمال الغيطاني-كاتب عظيم...more
خلال قراءة الرواية، تذكرت اكبر نقد وجه لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ-وهذا نقد لم ينكره هو نفسه- هو عدم ملائمة لغة الحوار للشخصية التي تتحدث به.
يطغى الحوارخلال قراءة الرواية، تذكرت اكبر نقد وجه لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ-وهذا نقد لم ينكره هو نفسه- هو عدم ملائمة لغة الحوار للشخصية التي تتحدث به.
يطغى الحوار الفلسفي بكثرة ويفرض نفسه بقوة على لسان شخصيات ومواقف هى ابعد ما يكون عن هذا المستوى الفكري والعقلي. كان من المفترض ان تكون لغة الحوار مكتوبة بشكل ابسط من ذلك. بشكل لا اجده غريبا على لسان شخصيات لم ينل معظمها القدر الادنى من التعليم او الثقافة. وتتحدث بطريقة واسلوب استاذ في الفلسفة!
بدأت في مشاهدة العمل التليفزيزني بمجرد انتهائي من العمل الروائي، وحتى الان وبعد مشاهدة خمس او ست حلقات، اجد ان المسلسل قد اضاف للرواية. ولكن المشاهدة افقدتني القدرة على الحكم الصحيح على الرواية نفسها...more
رواية رائعة وكلمات محفوظ تسكن ركنا في قلبي لا تدركه كلمات كتاب آخرون. ولكن كنت هل هناك شيئا جوهريا نقص في هذه الرواية؟ هل يمكنني القول بأنها رواية غير رواية رائعة وكلمات محفوظ تسكن ركنا في قلبي لا تدركه كلمات كتاب آخرون. ولكن كنت هل هناك شيئا جوهريا نقص في هذه الرواية؟ هل يمكنني القول بأنها رواية غير محكمة؟
كان هناك العديد من "الفجوات الزمنية" التي لا يمكن تجاوزها فالزمن يمضي في الرواية في عقد او أكثر، وفي نفس الوقت يظل الأحفاد في الجامعة لنفس الفترة الزمنية!
الرواية انتهت بغتة. ومسار الشخصيات حتى قبل النهاية بقليل يوحي بأنه كان في ذهن محفوظ احداث اخرى ونهاية ستتأخر عن ذلك، ولكن-كأن حد شد القلم من ايده وقاله خلص الرواية دلوقتى-...more
Fatma Al Zahraa
>
Books:
نجيب-محفوظ
(24)
Loading...
