هذه ليست رواية بل أقرب للعمل الصحفي، يحاول فيها أورويل جرد المجتمع البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي وتفحص المشاكل التي تعاني منها البلاد وخاصة في اهذه ليست رواية بل أقرب للعمل الصحفي، يحاول فيها أورويل جرد المجتمع البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي وتفحص المشاكل التي تعاني منها البلاد وخاصة في الأنحاء الفقيرة منها، يسافر فيها إلى مدينة ويغان حيث منجم العمال الأشبه بالجحيم الذي يوصف بأنه من أبشع الأماكن للعمل، حيث لا يكاد العامل ينجو فيها من موت أو عاهة أبدية أو أصابات متدرجة، مكان موحش وجهنمي، كل هذا بأسم التقدم والتحضر، يزج بهؤلاء المساكين في أنفاق تحت الأرض وبعمل مجهد وخطير لقاء بضع جنيهات، لا يكاد العامل يشفي بها غليل فقره..
يصف أورويل المجتمع البريطاني حينذاك بأنه مجتمع كاسد، تكثر فيه البطالة بشكل مريع، الاعانات الحكومية لا تكفي، يتكدس الناس في بيوت أشبه بالأكواخ، بعض الناس لا يجد سوى قاطرة قديمة أو منزل مهجور ليأوي نفسه، العمال يتكدسون في غرف خانقة، المجتمع كما يصفه أورويل هو على شفا انهيار اقتصادي، الناس جائعون ومناظر بعض المدن أشبه بكهل يحاول أن يعيل نفسه، يلقي أورويل اللوم على السياسيين وكيف أوصلوا البلاد لهذه المرحلة، السياسة الرأسمالية المتوحشة التي عادة ما تمتع مجموعة متخمة زائدة الكروش من البشر وتنسى أن الأغلبية الساحقة تداس تحت العمل اليومي القاسِ لقاء فتات المال، الرأسمالية من جهة والاشتراكية الطوباوية من جهة أخرى، تلك الفكرة الأخرى التي لا تقل فوضوية وعدم قابلية للتطبيق في أي مكان، يشعر أورويل بالخذلان لأنه تبنى في سنوات ما فكرة الاشتراكية، يصفها بأنها نزوة عاطفة، إذا حتى الاشتراكية بما تدعيه من قيم ومبادئ إنما توفر للجميع الشقاء نفسه والعيشة المملة نفسها وتخلق عالماً متساوياً صحيح، ولكنها في نفس الوقت تمنح الجميع القدر نفسه من الشقاء والتعب والفقر حتى..
كتاب جيد يغوص فيه أورويل في أساس مشكلة الفقر وحلول الحكومات التعيس ومعاناة المواطن البسيط في كسب قوت اليوم ومشكلة الأنظمة الحاكمة، يذهب أورويل إلى الأحياء الفقيرة لا بصفته صحفياً بل ينتحل صفة واحد منهم ويعيش معهم ويذكر يومياتهم وطريقة حياتهم، كتاب جيد ومثير للاهتمام وفي نفس الوقت يحمل الكثير من الواقعية ويجسد الفقر كما هو حرفياً.. ...more
من قرأ رواية (ضباب) ل ميغيل دي أونامونو سيبحث بلا شك عن أي كتاب آخر يقرأه له، رواية ضباب التي وقعت في عشقها وتلذذت بكلماتها وسحر فلسفتها وطاقتها على إمن قرأ رواية (ضباب) ل ميغيل دي أونامونو سيبحث بلا شك عن أي كتاب آخر يقرأه له، رواية ضباب التي وقعت في عشقها وتلذذت بكلماتها وسحر فلسفتها وطاقتها على إبهار القارئ، تلك الرواية التي لا أنساها والتي وجدت أخيراً لكاتبها هذا الكتاب. كتاب مذكرات يحمل في طياته الولادة الأولى ل أونامونو ، طفولته وذكرياته التي يسردها بطريقة فيها بالغ اللطف والعفوية والبساطة في الحكي عن الذات والأشياء ، تتركز المذكرات على سنوات الطفولة بكل ما فيها من مواقف ولعله لم يستغرق فيها كثيراً ولم يبالغ في التفاصيل لعجز ذاكرة العجوز أونامونو على مسايرة الماضي العتيق، هو في الستين أو السبعين ربما، يسترجع ماضيا عتيقاً، من أقليم الباسك الأسباني، يعرفنا على طفولته وشقاوته ومراحل تكوينه الأولى، ثم يعرج باللطافة ذاتها على مرحلة الشباب المبكر وأماكن دراسته ونشأته قبل أن يصبح كاتباً مرموقاً، عن حبه وأعتزازه بوطنه ، لشعبه الخجول كما يسميه، للريف الباسكي الذي يشبه الجنة في مخيلته الحالية لحظة الكتابة، كان الشوق إلى الطفولة طافحاً من كلماته، غادرته الطفولة ولكنه بقي طفلاً بقلبه وروحه ..
الكتاب ليس مبهراً مثل رواية ضباب طبعاً، ولكنها تحمل لحظات جميلة، دافئة، مغرية، قد تلامس أو قد تتشابك مع طفولة كل واحد منا ..
" حينئذٍ لم أجد أمام عيني سوى شبح قاتم يردد عليّ بصوته الراعب : لماذا تعيش؟ وماهي الغاية من حياتك؟؟ "
هذا هو السؤال الأخطر الذي طرأ على بال تولستوي ذا" حينئذٍ لم أجد أمام عيني سوى شبح قاتم يردد عليّ بصوته الراعب : لماذا تعيش؟ وماهي الغاية من حياتك؟؟ "
هذا هو السؤال الأخطر الذي طرأ على بال تولستوي ذات مرة وهو غمرة حياته وعنفوان شبابه وغارق في ملذات الحياة، لم يكن قبل ذلك يعرف معنى الحياة سوى من خلال اللذة الحسية التي كانت حاجزاً بينه وبين تلك الأسئلة الوجودية التي ظلت تلح عليه فيما بعد، حين صحى من سكرته فجأة ورأى الخواء الروحي الذي تعرج فيه حياته وتفاهة حياته السابقة.. كان تلك الأسئلة تتمحور حول غاية الحياة والوجود.. لم يكن تولستوي يؤمن بشيء وقتها وقضى تلك الفترة ملحداً وترعرع في أجواء إنكار كل ماله علاقة بالغيب والأديان..
كانت تلك الفترة كما يقول من أصعب فترات حياته، فقبل ذلك كانت الملذات قد أسكرت عقله وحجبته عن تلك الأسئلة الوجودية، فلما أستيقظ شعر بوطأة الأحساس وتفجرت الأسئلة في عقله..
" فكنت أشعر أن الأرض التي أقف عليها ترتجف تحت قدمي وتسير تحت الأرض .. وإن ماعشت لأجله حتى تلك الساعة إنما هو لا شيء!! "
أنكر وجود الله لكي يواسي نفسه ويقلل من قيمة الحياة ويعري تفاهتها ويشهد على دناءة قيمتها ،عسى أن تكف تلك الأسئلة في ضرب قواعده النفسية .. حسب أن الوصول الى عدمية الحياة سيكون سلاحاً يواجه به ما تبقى من حياته ويكتفي باللامبالاة شاهداً ومتطلعاً على أن الحياة مجرد شر ولا داعي للتفكير فيها أصلاً، فضلاً عن طرح أسئلة كبيرة حولها ..
ولكن تولستوي لم يهرب من الله، حاول أن يجد مبرراً لتفاهة هذا العالم والشر الكائن فيه ..
" فـ كنت أعتقد أن الذي أوجد الحياة لم يقصد منه سوى السخرية والهزء بأبنائها "
عادت الوساوس تضرب في أسس حياته وتفكيره، قرر أن يقرأ بعدها في كتب الفلسفة ويتعمق فيها لعله يصل إلى جواب مقنع وفكرة متوازنة عن هذا العالم وأن يمحق الشكوك التي راودت مخيلته وإزلت بقدمه نحو هاوية التساؤلات المرهقة.. تولستوي في هذه اللحظة وصل إلى حافة الإنهيار.. حيث يقول :
" وكانت فكرة الإنتحار تخطر لي في كل يوم ، بل في كل ساعة "
لم يكن أمام تولستوي سوى اللجوء الى أصل الأيمان واللجوء الى البسطاء والفلاحين لكي يستلهم منهم طبيعة الإيمان الأصلية، فوجد حينها ذلك النقاء الإيماني الصريح الذي كان يبحث عنه لدى الفلاسفة وأصحاب الفكر، إستنتج أن الإيمان لا يمكن أن يقوم على أساس عقلي فقط وإنما هي بذرة تغرز في قلب الإنسان، في قلوب أولئك الذين أرادوا الإيمان ولم يلتفتوا إلى أسئلة العقل المهلكة التي لن تؤدي في النهاية سوى لعدمية موحشة.. لم يجد عند أولئك البسطاء الشكوى من القدر والخواء الروحي رغم حياتهم البائسة، كانوا سعداء وقانعين بحياتهم وراضين بإيمانهم بالله وغير ملتفتين إلى تفاهة الحياة بل كانت الحياة بالنسبة لهم هي الوقود التي تشعل في نفوسهم الطاقة وتقويهم على الإستمرار وكان الإيمان هو السلاح الذي يواجهون به كل مآسي الحياة..
أدرك تولستوي أن الحياة ليست بتلك التفاهة التي كان يتصورها، وجد الجانب العميق فيها، وجد السعادة في إيمانه الخالص بالله رغم عدم إقتناعه بعادات الناس والمراسم الكنسية، ولكن بذرة الإيمان الخالص بالله تعالى قد أنبتت في قلبه سعادة دائمة وحضوراً نفسياً وروحياً أطفأ بها الهواجس السوداء التي سيطرت على حياته وأرهقته لفصول كثيرة من حياته..
لم تكن عودته إلى الإيمان عودة غريق يتعلق بقشة أخيرة، بل كانت باباً واسعاً مر من خلاله وتخطى المزالق النفسية والروحية التي أرهقت حياته وجعلته يأبى الحقيقة المطلقة المتمثلة في وجود الله تعالى.. كان إلحاده نفسياً نابعة من الحاجة للتحرر من القيود واللجوء نحو بطانة الشهوات والملذات ، لم يتمكن من الإنفراد بنفسه ونزع شوكة الجحود من قلبه إلا حين نظر وتأمل وجرد الحقيقة كما هي بعيداً عن النزعة الشكية التي كانت تقوده من عمى إلى آخر دون توقف..
تجربة فريدة وعظيمة لا يمكن مقارنتها إلا بأعظم التجارب الفكرية في المسيرة الإنسانية، قصة كفاح وصراع مستمر مع النفس والعقل والإيمان، أوصلته في النهاية ليقين لا يتزعزع وقلب خاشع يسبح لرب الأكوان وعقل قانع يزاول تأمله وحبه لهذه الحياة ويمجد رب الحياة والوجود والجمال......more
ربما يلخص هذا الكتاب مآسي الحروب العراقية منذ سنة 1973 الى وقت إحتلال العراق في 2003 بكل تفاصيله وإنتصارته وهزائمه وخذلانه .. تلك الحروب التي تركت جرح ربما يلخص هذا الكتاب مآسي الحروب العراقية منذ سنة 1973 الى وقت إحتلال العراق في 2003 بكل تفاصيله وإنتصارته وهزائمه وخذلانه .. تلك الحروب التي تركت جرحها العميق في صدر كل عراقي عاش خلال تلك الفترة..
الفريق الركن " رعد مجيد الحمداني " أحد رموز وأبطال الجيش العراقي السابق، يقدم مذكراته هذه الى القراء عن تلك الحروب التي خاضها أبتداء بحرب 73 مع الكيان الصهيوني ثم القتال مع المتمردين في شمال العراق وصولاً إلى أطول معركة في التاريخ الحديث وهي الحرب مع إيران التي إستمرت 8 سنوات دون توقف وشارك فيها كاتب المذكرات بكل المعارك التي جرت في خلال تلك الـ ثمان سنوات لحين الوصول الى معركة تحرير الفاو والتي قادت العراق لتحقيق نصر معنوي وإجبار العدو الإيراني على التوقيع على معاهدة السلام..
ثم ينتقل الكاتب الى ذكر أسباب حرب الخليج الثانية وقبلها إحتلال الكويت والأسباب التي أدت الى الشقاق بين العراق والخليج قبل تلك الحروب، ثم يتحدث الكاتب عن تلك المعركة الأليمة التي قصمت ظهر الشعب العراقي وجيشه إلى الأبد وأدت إلى تمزيق هذا الكيان العظيم المتمثل بحضارة العراق وتدمير مجتمعه بفرض حصار لأكثر من 12 سنة.. يتحدث كاتب المذكرات عن تلك الفترة بإسهاب والغريب حقاً أن القيادة العراقية فكرت في إحتلال الكويت في سنة 1994 من جديد رغم ظروفه ومعاناته من الحرب الأخيرة!!
النقطة الأخيرة في هذا الكتاب هو حدث إحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية سنة 2003 أيضاً شارك كاتب المذكرات في تلك المعركة والتي إنتهت سريعاً وأدت الى أحتلال عاصمة العراق للمرة السادسة في تاريخه..
أعجبني كثيراً حيادية الرجل وطريقة رؤيته للحروب والمعارك التي خاضها العراق ،ورؤيته الشجاعة والوطنية والدينية كذلك.. يبدو أن الرجل كان يمتلك رؤية سياسية عميقة جداً وثقافة عالية في ميدان العمل العسكري،، جدير بالذكر أنه أنتقد بشدة القيادة العراقية المتمثلة بالرئيس صدام حسين في سياسيته وقراراته وبعض مواقفه وتحفظه الشديد على إحتلال الكويت ووصفه بالخطأ التاريخي ..
في المجمل هذه المذكرات مكتوبة بحيادية بالغة بعيدة كل البعد عن الأهداف السياسية والحزبية ،وهي إنما مكتوبة لأجل التاريخ ولأجل أن يشهد العالم حقيقة ما حدث وما يمكن أن يتكرر في المستقبل، ليس في العراق فحسب بل على الصعيد العالمي كذلك..
Loading...
