تصوروا لو أننا حذفنا هذه المواضيع الثلاثة من الشعر العربي الحديث : الاعتداء على الذات الإلهية، والنباح السياسي، وفروج النساء .. ماذا سيبقى بالله عليكمتصوروا لو أننا حذفنا هذه المواضيع الثلاثة من الشعر العربي الحديث : الاعتداء على الذات الإلهية، والنباح السياسي، وفروج النساء .. ماذا سيبقى بالله عليكم غير ذلك غير بعض الاقتباسات البسيطة هنا وهناك..
عقيلة سطحية جلفة وأسلوب طفولي يليق بالرضع لا بمن شاب شعره وقرأ مئات الكتب ، شتائم لا تنقطع، يعامل الله وكأنه خادم عند أبويه (تعالى الله عن ذلك .. لماذا يا الله لا تفعل لي كذا وكذا، لماذا لم تخلق هذا، لماذا لم تجعلني كذا، وكيف تسمح بكذا .. يخاطب الله بهذا الجهل وهذا الاسفاف وكأنه يتحدث مع عبدك الأسود في العصر الجاهلي، والله لن تستطيع في بلادك أن تتحدث الى شرطي بهذه اللغة فما بالك بالملك أو الرئيس، ثم هل أذا كنت مؤمناً بالله فكيف تحدثه بهذه الطريقة البلهاء وهذه الصفاقة التي لن يتحدث به أحد مع بقال حارته الغشاش، واذا كنت لا تؤمن به أصلاً فما لك تخاطب العدم، أم أن لوثة عقلية أصابتك وجعلتك تلقي بإخطائك واخطاء غيرك على كائن مجهول بدل أن تفكر قليلاً في مصائبك وتهرب بكل ما أوتيت من جبن وضعف ..
أما الحديث عن الاستبداد والطغيان فيبدو لي أنه مجرد مسألة عناد مع السلطة، لا يحمل لا هم وطن ولا قضية ذات شأن، اذا كان اغلب جعيره عن الاستبداد فليس يعني أنه مناضل، فهو بذاته يصف كل حوانيت أوروبا واحداً واحداً، وقلما توجد قصيدة لا تتحدث عن خمارة او فرج امرأة او كبت جنسي مقرف، أين النضال ولماذا هربت من بلادك يا سيد اذا كان كل همك ممارسة الجنس مع أكثر عدد من المراهقات والقحاب، وشرب كؤوس الخمرة علناً والتباهي بمعرفة أكبر عدد من الشتائم ..
للأسف ازداد يوماً بعد يوم يقيناً برداءة المثقف العربي ونتاجه الشبق والفظ، ونفاقه وقلة حياءه وتمسحه بالوطن الذي لا يعرف عنه شيئاً سوى ذكريات الجنس والشقاوات ، شخص بليد يشتم السلطة ثم يهاجر ويبحث عن اجساد النساء والخمارات، يلقي من هناك قصائد حماسية فيها الكثير من الهراء والجعجعة وينام في أفخم الفنادق ويتسكع مع أفضل عاهرات الغرب، ثم يُشعرك بأن لا مخلوق على وجه الأرض يحن لوطنه مثل ما يفعل حضرته المسكين..
أفضل ما يحظى به أي طاغية هو عقيم الفكر والنتاج والعدميين مثل هؤلاء، أنا أتخيل لماذا لم تنجح ثوراتنا، أليس بسبب هذه العقليات التي لا ترى أبعد من شهوتها وانانيتها وتعليق كل اخطاءها ومجنونها وفساد مجتمعها على ذلك الإله القاسي المتوحش الذي يعرف شيئاً سوى تعذيب الناس هناك وحرمانهم من افخاذ الناس، أو شجب رئيس او ملك ونسيان أن المجتمع ذاته غارق في وحل الشرور والمكائد والفحش والانانية ..
لا عجب أن بلادنا تزداد سوءاً بعد سوء واخلاق مثقفينا وسطحيتهم ومعالجتهم الشعرية بهذا الشكل، لا أقصد هنا عدنان الصائغ فقط بل شلة المثقفين جميعاً إلا ما رحم ربي، مثقف لا يحمل هم قضية ولا تهمه الحقيقة الكبرى ولا حقوق الناس، كائن عدمي شهواني فاسد حتى النخاع وان بدا بعض شعره جيداً، ولكن هل يمكن اتخاذ هؤلاء قدوات !!
كنت قبل أيام أقرأ كتاباً سياسياً للكاتب العظيم جورج أورويل وهو يصف هموم مجتمعه ويكتب عن السياسية وشؤون المواطنين بطريقة بناءة ولاذعة، يقف ضد السلطة لا بشتائم ولا بالتهكم على الله او شيء من هذا القبيل، بل معالجة موضوعية تضع اليد على جرح المشاكل وتناقش فلسفة الاقتصاد والسياسة والفقر والجوع، أورويل عاش بين الناس وذهب وتسكع مع الشحاذين وعمال المناجم والسكارى والمشردين، لم يكن أسلوبه أسلوب ولولة وصراخ، بالعكس بل كان يتعاطف ويحلل التاريخ والاقتصاد والشؤون المجتمعية وما أوصل البلد الى هناك ..
للحظة قارنت هذا الكاتب الغربي بما لدينا من نماذج قبيحة وشعارات زائفة وعواطف مستهلكة، قلت لنفسي لا يليق أن أقارن هذا بهذا، لا أدرى الى متى نستمر بهذا الانحطاط والاخلاق الزائفة، الى متى نكف عن الصراخ والجعير، الى متى نصنع مثقفاً يعرف معنى الكلمة ويقدرها كل تقدير.. ...more
ما الذي أبقت للإنسان يا زمن الندامة لا أمن في بيت ولا طفل تعانقه ابتسامة ... شيدت في الميدان مشنقة وعلقت الكرامة ... وذبحت في أعماق كل الناس أشجار الشهامهطة ما الذي أبقت للإنسان يا زمن الندامة لا أمن في بيت ولا طفل تعانقه ابتسامة ... شيدت في الميدان مشنقة وعلقت الكرامة ... وذبحت في أعماق كل الناس أشجار الشهامهطة .. قد صارت الأيام في عيني قتامة.. كلما أشعلت ناراً في صناديق القمامة كلما قامت على رأسي القيامة..
********
هذا زمان يقطع الأشجار .. يمتهن البراءة يستبيح الفجر .. يسترضي البغايا هذا زمان يصلب الطهر البريء .. يقيم عيد .. للخطايا هذا زمان الموت.....more
طوبى لمن يلتف بجلده! طوبى لمن يتذكر اسمه الأصلي بلا أخطاء طوبى لمن يأكل تفاحة ولا يصبح شجرة. طوبى لمن يشرب من يا أيتها الممرات المحتشدة بالفراغ متى أصل؟ ..
طوبى لمن يلتف بجلده! طوبى لمن يتذكر اسمه الأصلي بلا أخطاء طوبى لمن يأكل تفاحة ولا يصبح شجرة. طوبى لمن يشرب من مياه الأنهار البعيدة ولا يصبح غيماً.. طوبى للصخرة التي تعشق عبوديتها ولا تختار حرية الريح!.
لماذا علي أن أقرأ كل هذه الكآبة في ديوان واحد؟ بل لنقل تصنع وأستهلاك للكآبة في مساحة شعرية صغيرة ، حتى الكآبة تبدو فاترة هنا وحتى الحزن يشبه صفعة على لماذا علي أن أقرأ كل هذه الكآبة في ديوان واحد؟ بل لنقل تصنع وأستهلاك للكآبة في مساحة شعرية صغيرة ، حتى الكآبة تبدو فاترة هنا وحتى الحزن يشبه صفعة على الوجه، تحس أن هناك ما يشبه عدم الصدق في المحتوى، بل موضوع يتكرر معك منذ البداية وحتى آخر صفحة، لا أنكر أنني مللت منذ الصفحة الخمسين، عجزت عن الأستمتاع وتقليب الصفحات في انتظار شيء جديد لعلمي أن الأمر سيتكرر، الموت الحزن الكآبة الانتحار الأب اللجوء الحرب العزلة، لم تأخذ هذه المواضيع مساحتها بشكل جيد بل سرداً واحداً قابلاً لتشابه مريع وفاضح ..
رغم ذلك لا أنكر أن بعض القصائد أعجبتني وكذلك الصور الشعرية الجميلة المختبأة تحت ثرى بعض القصائد والتي شكلت لي ظهورها بين فترة وأخرى بهجة وأعجاباً حقيقياً بقلم الكاتبة ودقة وصفها، لكن على العموم ليس هذا ما أطمح إليه وليس هذا الديوان ديواني .....more
مدهش هذا الكتاب ببساطته وعفويته وأسئلته البديهية التي تعاجل الواحد منا لحظة قراءته لهذه القصائد أو النصوص، ينضح النص باللطف والسكينة والرغبة في اقتحاممدهش هذا الكتاب ببساطته وعفويته وأسئلته البديهية التي تعاجل الواحد منا لحظة قراءته لهذه القصائد أو النصوص، ينضح النص باللطف والسكينة والرغبة في اقتحام مجهولات الأسئلة وفراغ الإجابة وخدعة التشفي من الدهشة الكامنة وراء بديهية بعض الأشياء وصعوبة إدراكها في ذات الوقت، نيرودا شاعر وفنان، محب للطبيعة، غارق في التأمل، واعٍ لحجم ما يمتلكه العالم من أسئلة بلا جواب، نيرودا يعالج القصائد بالأسئلة، بلذة السؤال، لا إجابات، أحب الفنان حين يكتب ، ما يستشعره من قوة الخفاء الذي يلف العالم والكائنات والحياة والحب والخريف وأرواق الأشجار الكثيفة .. عالم نيرودا هنا مزدحم وخفيف، جريء، لاذع، قلت في نفسي، كم أحب الأسئلة يا إلهي، ربما العالم مخلوق لأجل أن نسأل، أن نمارس لذة السؤال من دون العثور على الجواب، العالم هو سؤال، ونيرودا يغازل العالم بهذه الأسئلة .. هنا الحيرة والتعب، من رجل كان يحب الحياة كثيراً ..
********
أليست حياتنا نفقاً بين وضوحين غامضين؟
هل من شيء أشد حزناً من قطار يقف تحت المطر؟
هل يقاسي الذي ينتظر دائماً، أكثر من الذي لم يجرب الانتظار؟
Loading...
